تقع "قرية الباسوطة" على بعد 9 كم جنوب مدينة "عفرين" وهي إحدى أهم القرى السياحية في المنطقة ومن أقدمها وذلك بدليل وجود بقايا قلعة قديمة كانت مبنية على تلة تتوسطها.
عن القلعة يتحدث الدكتور "محمد عبدو علي"* لموقع eAleppo: «بُنيت القلعة على تلة صخرية كبيرة وسط قرية "الباسوطة" تبلغ مساحة سطحها حوالي 7 دونمات ويتراوح ارتفاعها بين 40 م من الشرق إلى 50 م من الغرب، ورغم زوال آثار القلعة إلا أنّ الناس ما زالوا يسمونها القلعة».
وحول تاريخ هذه القلعة يقول: «في الحقيقة ليس هناك تاريخ معروف لبناء "قلعة الباسوطة"، ولكننا ومن خلال قراءة ما جاء في المصادر التاريخية نتعرّف على أول ذكر لها، فقد ورد ذلك في كتاب /تاريخ "حلب"/ لمحمد بن علي العظيمي الحلبي 1090 – 1161م بمناسبة حديثه عن أحداث جرت في العام 1145ميلادي وواقعة حربية جرت لصاحب "الباسوطة"، ورغم أنّ "العظيمي" لم يذكر شيئاً عن ذلك الصاحب ولا عن القوم الذين كانوا يعيشون في القلعة أو الدولة التي كانت تتبعها في تلك الفترة، ولكن من خلال كلامه نلاحظ ونستنتج وجود كيان خاص ومستقل للباسوطة عن السلطة الزنكية في "حلب"، وربما كان صاحبها هذا من سكان المنطقة الأصليين /المحليين/ أو أنه كان قائداً بيزنطياً –صليبياً وذلك بسبب أنّ السيطرة على مناطق "إنطاكية" و"سيروس" في تلك الفترة كانت متأرجحة بين المسلمين والبيزنطيين فقد كان "جوسلين" صاحب إمارة "الرها" يسيطر على مناطق "كلس" و"عفرين" في العام 1145ميلادي».
ويتابع الدكتور "محمد عبدو علي" حديثه حول الأحداث
|
منظر عام لقرية الباسوطة
و بداية القرن الثالث عشر سلّم الأيوبيون ناحية "القصير" ومنطقة "جومه" شمالاً إلى
الأسرة المندية واستمر الأمر في هذه المنطقة بيدها حتى بداية القرن السابع عشر.
ويبدو أنّ أهمية "قلعة الباسوطة" قد تراجعت كثيراً في أيام المؤرخ "ابن الشحنة" 1402 –1485م حيث يقول عنها في كتابه الشهير/الدر المنتخب في تاريخ مملكة "حلب"/ أنّ الخراب استولى على حصن "الباسوطة" في المضيق وأصبحت قرية غير دافعة ولا مانعة».
ويضيف: «يبدو أنه ومنذ القرن السادس عشر أعيد ترميم القلعة وحكمت القلعة في القرون الثلاثة اللاحقة عائلات معروفة وهم "آل روباري" في النصف الأول من القرن الثامن عشر ثم "آل كنج" و"بطال آغا" في النصف الثاني من القرن الثامن عشر والربع الأول من القرن التاسع عشر وذلك عندما أنهت خطط السلطان العثماني "محمود الثاني" لتقوية الإدارة المركزية في السلطنة نفوذ معظم العائلات والحكام المحليين بالقتال أو بغيره فآل مصير القلعة إلى الخراب والإهمال.
لقد كانت أبنية القلعة وخرائبها قائمة حتى أوائل القرن العشرين لكن السكان أكملوا هدم البقية الباقية منها ليبنوا بحجارتها دور سكنهم فقد استخدم مالكو قرية "عين دارة" وهم من عائلة "سفر" في "حلب" حجارتها في بناء قصر لهم في قرية "عين دارة"، كما أنّ "آل
الدكتور محمد عبدو علي |
لقد كان في القلعة بئر ماء ردم وخندق واسع يحيط بها له وظيفة دفاعية فقد كان يُملأ بالماء أثناء الغزوات والحروب كخط دفاع عنها، كما كان فيها طاحونة مائية وذلك في الجهة الشمالية من القلعة، وتشير التقديرات إلى أنّ سكان "الباسوطة" في القرن السابع عشر والثامن عشر كان يتراوح بين 2000 -3000 نسمة مقارنة وقياساً مع مساحة انتشار أبنية القرية قديماً».
وأخيراً يقول الدكتور "محمد عبدو علي" مختتماً: «تشير المواقع الأثرية الموجودة في جوارها إلى أنّ موقع قرية "الباسوطة" ومحيطها كانت عامرة منذ أقدم العصور، فهناك موقعان أثريان يقعان في الشمال الغربي منها بالقرب من نهر "عفرين"، الأول هو "تل الباسوطة" حيث تتناثر عليه الكثير من الأدوات الحجرية الصوانية ويعود تاريخه إلى العصور الحجرية، والثاني ويسمى "جومتك" ويعود إلى عصور تالية تشبه حجارة بنائه طراز الأبنية الرومانية – البيزنطية حينما كانت "الباسوطة" مركزاً إدارياً هاماً في تلك الفترة، وتظهر بين الحين والآخر أحجار مقابر مندثرة في تلك الأنحاء يشابه نوع الخط والمسميات المدونة عليها ما كان موجودا في نهاية العصر العباسي وما بعده، وأغلب الظن أنها تعود إلى الفترتين الزنكية والأيوبية».
* الدكتور "محمد عبدو علي": طبيب، وهو من مواليد العام 1956 له الكثير من الدراسات حول منطقة "عفرين"، صدر له كتاب /الإيزيدية والإيزيديون في شمال غرب سورية/- دار "عبد المنعم ناشرون"- "حلب"- 2008.
2 التعليقات:
تحية كبيرة لاهالي قرية الباسوطة
عراسي الكل
قرية جميلة ورائعة افضل من المدن واصوات السيارات والضجيج